لِلْأَبْنَاْءِ قَبْلَ اَلْتَّعَاْسَةِ وَاَلْشَّقَاْءِ
} الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلطَانِهِ } لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، أَرْسَلَهُ } بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ { ، صَلَىْ اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . } يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ { .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِيْ اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن . } الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ { .
أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ الْمُؤْمِنُونَ :
يَجْهلُ كَثِيْرٌ مِنْ اَلْأَبْنَاْءِ اَلْحُقَوْقَ اَلْوَاْجِبَةَ لِآبَاْئِهِمْ، وَلِذَلِكَ يُعَاْنِيْ بَعْضُ اَلْآبَاْءِ مِنْ عُقُوْقِ أَبْنَاْئِهِمْ ، وَيَتَجَرَّعُوْنَ غُصَصَ اَلْحَسْرةِ وَاَلْأَلَمِ، مِمَّاْ يُعَاْنُوْنَهُ مِنْ عَدَمِ طَاْعَتِهِمْ لَهُمْ ، وَخَاْصَةً اَلْأَبْنَاْءَ اَلْذُّكُوْر، حَتَّىْ وُجِدَ مِنْ اَلْآبَاْءِ مَنْ يَتَمَنَّىْ لَوْ كَاْنَ عَقِيْمَاً ، وَوُجِدَ مَنْ يَتَمَنَّىْ أَنْ لَوْ كَاْنَ أَبْنَاْؤُهُ بَنَاْتَاً ، وَآخَرُ يَقُوْلُ لِأَبْنَاْئِهِ مِنْ شِدَّةِ مُعَاْنَاْتِهِ مِنْ عُقُوْقِهِمْ : سَعَاْدَتِيْ فِيْ اَلْحَيَاْةِ ، خَيْرٌ مِنْ دُمُوْعِكِمْ بَعْدَ اَلْوَفَاْةِ، بَلْ وُجِدَ مَنْ يَتَمَنَّىْ اَلْمَوْتَ ـ وَاَلْعِيَاْذُ بِاَللهِ ـ بِسَبَبِ عُقُوْقِ أَبْنَاْئِهِ .
وَكَثِيْرٌ مِنْ اَلْأَبْنَاْءِ، يَجْهَلُوْنَ مَعْنَىْ عُقُوْقِ آَبَاْئِهِمْ ، فَيَعْتَقِدُوْنَ أَنَّهُ بِضَرْبِهِمْ أَوْ بِسَبِّهِمْ وَشَتْمِهِمْ، أَوْ بِوَضْعِهِمْ فِيْ دُوْرِ اَلْعَجَزَةِ، وَهَذَاْ لَاْ شَكَّ مِنْ اَلْعُقُوْقِ، وَلَكِنَّهُ مِنْ مُؤَشِرَاْتِ اَلْتَّعَاْسَةِ وَاَلْشَّقَاْءِ فِيْ اَلْدُّنْيَاْ وَاَلآخِرَةِ ، فِيْ وَقْتٍ يَعْرِفُوْنَ فِيْهِ تَفَاْصِيْلَ وَدَقَاْئِقَ أَشْيَاْءٍ تَاْفِهَةٍ لَاْ قِيْمَةَ لَهَاْ، كَاَلْأَجْهِزَةِ وَاَلْأَنْدِيَةِ وَاَلْلَّاْعِبِيْنَ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اِهْتِمَاْمَاْتِهِمْ اَلْسَّخِيْفَةِ ،وَيَجْهَلُوْنَ أَنَّ اَلْخُرُوْجَ عَنْ طَاْعَةِ اَلْأَبِّ وَإِهْمَاْلَ حَقِّهِ وَجُحُوْدَ فَضْلِهِ وَإِنْكَاْرَ جَمِيْلِهِ ، وَفِعْلَ مَاْلَاْ يُرْضِيْهِ يُعْتَبَرُ عُقُوْقَاً ، يَسْتَحِقُّ بِسَبِبِهِ عِقَاْبَ اَللهِ U ، بَلْ اَلْتَّأَفُّفُ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، مِنْ كَبَاْئِرِ اَلْذُّنُوْبِ اَلَّتِيْ نَهَىْ اَللهُ U عَنْهَاْ وَحَذَّرَ مِنْهَاْ ، كَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ: } فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا { .
وَقَدْ يَكُوْنُ سَبَبُ شَقَاْءِ اَلْأَبْنَاْءِ فِيْ حَيَاْتِهِمْ، مِنْ هَمٍ وَغَمٍ وَفَشَلٍ وَسَجْنٍ وَوَضَاْعَةٍ وَمَهَاْنَةٍ ، اَلْعُقُوْقُ اَلَّذِيْ تُعَجَّلُ عُقُوْبَتُهُ فِيْ اَلْدُّنْيَاْ قَبْلَ اَلْآخِرَةِ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا : الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ )) .
فَقَضِيَّةُ إِيْذَاْءِ اَلْأَبِّ بِعَدَمِ طَاْعَتِهَ، وَاَلْتَّمَرُّدِ عَلَىْ أَوَاْمِرِهِ ، وَفِعْلِ مَاْ لَاْ يُرْضِيْهِ وَيُكَدِّرُ وَيُنَكِّدُ مَعِيْشَتَهِ، قَضِيَّةٌ خَطِيْرَةٌ ، تُعَرِّضُ اَلْاِبْنَ إِلَىْ سَخَطِ اَللهِ U وَغَضَبِهِ، لِأَنَّ فِيْهَاْ مُخَاْلَفَةٌ وَاْضِحَةٌ لِمَاْ أَمَرَ U بِهِ ، وَهُوَ اَلْإِحْسَاْنُ، كَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ : } وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً { وَكَمَاْ قَاْلَ أَيْضَاً : } وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا { فَاَلْإِحْسَاْنُ إِلَىْ اَلْوَاْلِدَيْنِ وَمِنْهُمُ اَلْأَبُّ ، اَلَّذِيْ هُوَ سَبَبُ وُجُوْدِكَ ـ أَيُّهَاْ اَلْاِبْنُ ـ فِيْ هَذِهِ اَلْحَيَاْةِ، وَمَاْ أَنْتَ إِلَّاْ بَضْعَةٌ مِنْهُ، قَرَنَهُ اَللهُ U بِعِبَاْدَتِهِ وَعَدَمِ اَلْشِّرْكِ بِهِ سُبْحَاْنَه، وَمَاْ أَعْظَمَ جُرْمَكَ وَأَخْطَرَ مُصِيْبَتَكَ ، وَمَاْ أَشَدَّ عُقُوْبَتَكَ ، إِذَاْ كَاْنَ عُقُوْقُهُ بِسَبِبِ مَصْلَحَةٍ يَرَاْهَاْ لَكَ وقَدْ خَفِيَتْ عَلَيْكَ ، أَوْ تَرَكْتَهَاْ مِنْ أَجْلِ شَهَوَاْتِكَ وَمَلَذَّاْتِكَ وَطَيْشِكَ ، كَسَهَرٍ أَوْ عَبَثٍ أَوْ صُحْبَةٍ سَيِّئَةٍ ، أَوْ تَرْكِ عِبَادَةٍ أَوْ اِرْتِكَاْبِ مُخَاْلَفَةٍ شَرْعِيَّةٍ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبائِرِ ، أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبائِرِ، أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبائِرِ ؟ )) ، قَالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ e: (( الإِشْراكُ بِاللهِ وَعُقوقُ الْوالِدَيْنِ )) . فَعَدَمُ طَاْعَتِكَ لِأَبِيْكَ يَأْتِيْ فِيْ اَلْمَرْتَبَةِ اَلْثَّاْنِيَةِ ، بَعْدَ اَلْشِّرْكِ بِاَللهِ U ، لِمَاْ لَهُ مِنْ تَأْثِيْرٍ عَلَىْ نَفْسِهِ وَقَدْ بَذَلَ اَلْغَاْلِيَ وَاَلْنَّفِيْسَ ، وَأَفْنَىْ شَبَاْبَهُ، وَبَذَلَ جُهْدَهُ وَوَقْتَهُ مِنْ أَجْلِكَ ، بَأَمَلِ أَنْ يَجِدَ إِبْنَاً صَاْلِحَاً يَبْحَثُ وَيَحْرِصُ عَلَىْ مَاْ يَكُوْنُ سَبَبَاً فِيْ سَعَاْدَتِهِ لَاْ تَعَاْسَتِهِ .
إِسْمَاْعِيْلُ لَمَّاْ رَأَىْ أَبُوْهُ إِبْرَاْهِيْمُ ـ عَلَيْهِمَاْ اَلْسَّلَاْمُ ـ لَمَّاْ رَأَىْ فِيْ اَلْمَنَاْمِ أَنْ يَذْبَحَهُ ، } قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ { إِمْتَثَلَ لِأَمْرِ أَبِيْهِ لَيَذْبَحَهُ ـ وَاَلْقِصَّةُ ثَاْبِتَة فِيْ كِتَاْبِ اَللهِ U ـ وَأَنْتَ حَاْلُكَ مَعَ أَبِيْكَ كَحَاْلِ اَلَّذِيْ عَنَىْ اَلْشَّاْعِرُ بِقَوْلِهِ :
لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَاْدَيْتَ حَيَّاً
وَلَكِنْ لَاْ حَيَاْةَ لِمَنْ تُنَاْدِيْ
وَلَوْ نَاْرٌ نَفَخْتَ بِهَاْ أَضَاْءَتْ
وَلَكِنْ أَنْتَ تَنْفِخُ فِيْ رَمَاْدِ
يَتَقَطَّعُ أَبُوْكَ حَسْرَةً وَأَلَمَاً، وَأَنْتَ لَاْ هَمَّ لَكَ إِلَّاْ مَاْ تَهْوَاْهُ نَفْسُكَ اَلْأَمَّاْرَةُ بِاَلْسُّوْءِ ، وَمَاْ تَدْعُوْكَ إِلَيْهِ شَيَاْطِيْنُكَ مِنْ اَلْجِنِّ وَاَلْإِنْسِ، وَاَلْنَّتِيْجَةُ خَسَاْرَةُ اَلْدُّنْيَاْ وَاَلْآخِرَةِ ، يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ صَحَّحَهُ اَلْحَاْكِمُ: (( أَرْبَعٌ حَقَّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُدْخِلَهُمْ الْجَنَّةَ وَلَا يُذِيقَهُمْ نَعِيمَهَا : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَآكِلُ الرِّبَا ، وَآكِلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَالْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ )). فَلْيَحْذَرُ اَلْأَبْنَاْءُ ، هَذِهِ اَلْكَبِيْرَةَ اَلْخَطِيْرَةَ، وَاَلْجَرِيْمَةَ اَلْنَّكِيْرَةَ ، وَلَيَحْرِصُوْا عَلَىْ إِسْعَاْدِ آبَاْئِهِمْ ، وَلْيَكُوْنُوْا قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُمْ ، لَاْ مَنْبَعَ شَقَاْءٍ وَتَعَاْسَةٍ وَعَنَاْءٍ .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ :
} وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا { .
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ الْمُؤْمِنُونَ :
وَمِمَّاْ لَاْشَكَّ فِيْهِ ، أَنَّ لِلْأُمِّ دَوْرٌ هَاْمٌ فِيْ اِسْتِقَاْمَةِ اَلْأَبْنَاْءِ وَصَلَاْحِهِمْ ، وَمُسَاْعَدَتِهِمْ عَلَىْ طَاْعَةِ وَبِرِّ آبَاْئِهِمْ ، وَكَمَاْ قَاْلَ اَلْقَاْئِلُ :
اَلْأُمُّ مَـــدْرَسَـةٌ إِذَاْ أَعْـدَدْتَــهَــاْ
أَعْـدَدْتَ شَـعْبَاً طَـيْبَ اَلْأَعْـرَاْقِ
اَلْأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَــعَـهَّـدَهُ اَلْـحَـيَـاْ
بــِاَلْــرَّيِّ أَوْرَقَ أَيْــمَـاْ إِيْـــرَاْقِ
اَلْأُمُّ أُسْــتَـاْذُ اَلْأَسَــاْتِـذَةِ اَلْأُلَـــىْ
شَـغَـلَتْ مـَآثِـرُهُمْ مَــدَىْ اَلْآفـَاْقِ
فَاَلْأُمُّ لَهَاْ دَوْرٌ هَاْمٌ فِيْ تَرْبِيَةِ أَبْنَاْئِهَاْ تَرْبِيَةً إِسْلَاْمِيَةً تَضْمَنُ لَهُمْ بِإِذْنِ اَللهِ تَعَاْلَىْ سَعَاْدَةَ اَلْدُّنْيَاْ وَاَلْآخِرَةِ ، وَلَكِنْ لَاْ يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّاْ بِصَلَاْحِهَاْ وَاِسْتِقَاْمَتِهَاْ وَحِرْصِهَاْ عَلَىْ مَاْ يُرْضِيْ اَللهَ U عَنْهَاْ ، وَمِنْهُ طَاْعَةُ اَلْأَبِ وَبِرُّهُ ، لِأَنَّ فَاْقِدَ اَلْشَّيْءِ لَاْ يُعْطِيْه ، فَإِسْمَاْعِيْلُ اَلَّذِيْ رَضِيَ بِاَلْذَّبْحِ ، أُمُّهُ هَاْجَرَ اَلَّتِيْ تَرَكَهَاْ إِبْرَاْهِيْمُ بِوَاْدٍ غَيْرِ ذِيْ زَرْعٍ ، وَلَاْ أَنِيْسَ وَلَاْ جَلِيْسَ ، وَقَاْلَتْ لِإِبْرَاْهِيْمَ : ءَاَللهُ أَمَرَكَ بِهَذَاْ ، قَاْلَ : نَعَمْ . قَاْلَتْ : إِذَاً لَاْ يُضَيِّعُنَاْ .
وَاِبْنُ نَوْحٍ عَلَيْهِ اَلْسَّلَاْمُ ، اَلَّذِيْ قَاْلَ لَهُ: } يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ {، رَفَضَ وَقَاْلَ: } سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ { ، أُمُّهُ اَلَّتِيْ ضَرَبَهَاْ اَللهُ U مَثَلَاً لِلَّذِيْنَ كَفَرُوْا: } ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ { ، فَاَلْأُمُّ لَهَاْ دَوْرٌ هَاْمٌ فِيْ تَرْبِيَةِ أَبْنَاْئِهَاْ ، وَلِذَلِكَ يَقُوْلُ e : (( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَحَسَبِهَا ، وَدِينِهَا ، وَجَمَالِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ )) .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ يَاْ مُنْزَلَ اَلْكِتَاْب ، وَيَاْ مُجْرِيَ اَلْسَّحَاْبَ ، وَيَاْ سَرِيْعَ اَلْحِسَاْب ، وَيَاْ هَاْزِمَ اَلْأَحْزَاْب ، اَلْلَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمَنْ حَاْرَبَ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَلْمُسْلِمِيْن ، اَلْلَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاَلْبُغَاْةِ اَلْمُجْرِمِيْن ، وَاَلْطُّغَاْةِ اَلْمُعْتَدِيْن ، وَاَلْحَاْقِدِيْنَ وَاَلْحَاْسِدِيْنَ عَلَىْ بِلَدِ اَلْإِسْلَاْمِ وَاَلْمُسْلِمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاَلْحُوْثِيِّيْنَ وَمَنْ نَاْصَرَهُمْ، وَبِاَلْخَوَاْرِجِ وَمَنِ اِسْتَعْمَلَهُمْ ، وَبِاَلْصَّفَوُيِّيْنَ وَمَنْ أَيَّدَهُمْ. اَلْلَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدَاً، وَأَهْلِكْهُمْ بَدَدَاً ، وَلَاْ تُغَاْدِرْ مِنْهُمْ أَحَدَاً, اَلْلَّهُمَّ اِكْفِنَاْهُمْ بِمَاْ شِئْتْ إِنَّكَ عَلَىْ مَاْ تَشَاْءُ قَدِيْر. اَلْلَّهُمَّ مَنْ أَرَاْدَ بِلَاْدَنَاْ بِسُوْءٍ، اَلْلَّهُمَّ اَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاَجْعَلْ تَخْطِيْطَهُ وَتَدْبِيْرَهُ تَدْمِيْرَاً عَلَيْه . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ جُنُوْدِنَاْ عَلَىْ حُدُوْدِنَاْ، اَلْلَّهُمَّ اُنْصُرْهُمْ نَصْرَاً مُؤَزَّرَاْ اَلْلَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ عُوْنَاً وَظَهِيْرَاً ، وَوَلِيَّاً وَنَصِيْرَاً. اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ ، وَاَرْبِطْ عَلَىْ قُلُوْبِهِمْ ، وَقَوِّيْ عَزَاْئِمَهُمْ ، وَاَحْفَظْ اَرْوَاْحَهُمْ ، وَعَجِّلْ بِنَصْرِهِمْ ، وَرُدَّهُمْ إِلَىْ أَهْلِيْهِمْ رَدَّاً جَمِيْلَاً ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِل ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ بِأَسْمَاْئِكَ اَلْحُسْنَىْ ، وَصِفَاْتِكَ اَلْعُلَىْ ، أَنْ تَحْفَظَ َوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَرِجَاْلَ أَمْنِنَاْ ، وَعَقِيْدَتَنَاْ وَمُقَدَّسَاْتِنَاْ ، يَاْرَبَّ الْعَالَمَيْن . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |