الدالة على الفئة الضالة
} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {، وَلَاْ عُدْوَاْنَ إِلَّاْ عَلَىْ اَلْظَّاْلِمِيْنَ ، } الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ {. أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ، } لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ { .
فَالحَمدُ لله الذي هُو دَائمٌ ... أَبدًا وَليسَ لِمَا سِوَاهُ دَوَامُ
وَالحَمدُ لله الذِي لِجَلالِهِ ... وَلِحِلْمِهِ تَتَصَاغَرُ الأَحـلامُ
والحَمدُ لله الذِي هوَ لَمْ يَزَلْ ... لا تَسْتَقْلُّ بِعِلْمِهِ الأَوْهَـامُ
سُبحانَهُ مَلِكٌ تَعَـالَى جَدُّهُ ... وَلِوَجْهِهِ الإِجْلالُ وَالإكرامُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ: } لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ: } هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ { صَلَّىْ اَللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً } إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ { .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَاْبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ، أَنِ اتَّقُوْا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
يَقُوْلُ ـ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ ـ: } وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ { فَاَللهُ U، وَضَّحَ اَلْآيَاْتِ وَبَيَّنَهَاْ ، لِتَظْهَرَ وَتَبِيْنَ طَرِيقُ اَلْمُجْرِمِينَ؛ اَلْمُخَالِفِينَ لِمَاْ جَاْءَ فِيْ شَرْعِ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْنَ. وَمِنْ اَلْمُجْرِمِيْنَ اَلَّذِيْنَ بَاْنَتْ وَظَهَرَتْ مُخَاْلَفَتُهُمْ لِلْدِّيْنِ:
اَلْمُعْجَبُوْنَ وَاَلْمُؤَيِّدُوْنَ وَاَلْمُوَاْلُوْنَ، لِمَنْ يَكِيْدُ لِهَذِهِ اَلْبِلَاْدِ، وَيَعْمَلُ عَلَىْ زَعْزَعَةِ أَمْنِهَاْ ، وَتَمْزِيْقِ صَفِّهَاْ ، وَتَفْرِيْقِ كَلِمَتِهَاْ وَوَحْدِتِهَاْ ، بَلْ وَيَسْعَىْ جَاْهِدَاً إِلَىْ إِفْسَاْدِ عَقِيْدَتِهَاْ وَقِيَمِهَاْ، كَاَلَّذِيْنَ يَجْعَلُوْنَ بَيْعَتَهُمْ، وَسَمْعَهُمْ وَطَاْعَتَهُمْ ، لِخَاْرِجِيٍ فِيْ مِصْرَ، أَوْ شِرْكِيٍ فِيْ اَلْهِنْدِ ، أَوْ تَكْفِيْرِيٍ فِيْ اَلْعِرَاْقِ ، أَوْ رَاْفِضِيٍ فِيْ إِيْرَاْنِ ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَعْدَاْءِ اَللهِ وَأَعْدَاْءِ دِيْنِهِ وَسُنَّةِ نَبِيْهِ مُحَمَّدٍ e .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
وَلِخَطَرِ هَؤُلَاْءِ عَلَىْ اَلْعِبَاْدِ، وَضَرَرِهِمْ اَلْوَاْضِحِ فِيْ اَلْبِلَاْدِ، وَتَغْرِيْرِهِمْ بِبَعْضِ هِوَاْةِ اَلْفَسَاْدِ، حَتَّىْ وُجِدَ بَيْنَنَاْ مَنْ يَقْتُلُ اِبْنَ عَمِّهِ، وَيَقْنِصُ رِجَاْلَ أَمْنِهِ، وَيُضَحِّيْ بِنَفْسِهِ، لِيَقْتُلَ اَلْمُصَلِّيْنَ فِيْ مَسَاْجِدِهِمْ اِسْتِجَاْبَةً وَسَمْعَاً وَطَاْعَةً لِهَؤُلَاْءِ اَلْمُجْرِمِيْنَ؛ وَجَبَ اَلْحَذَرُ مِنْهُمْ ، وَاَلْتَّحْذِيْرُ عَنْهُمْ، وَبَيَاْنُ صِفَاْتِهِمْ ، وَاَلْأُمُوْرِ اَلَّتِيْ تَدُلُ عَلَىْ زَيْغِهِمْ وَضَلَاْلِهِمْ وَاَنْحِرَاْفِهِمْ ، وَكَمَاْ قَاْلَ U: } وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ { يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِيٍ فِيْ تَفْسِيْرِهِ: أَيْ لَاْ بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ مَاْ فِيْ قُلُوْبِهِمْ، وَيَتَبَيَّنَ بِفَلَتَاْتِ أَلْسِنَتِهِمْ، فَإِنَّ اَلْأَلْسُنَ مَغَاْرِفَ اَلْقُلُوْبِ، يَظْهَرُ مِنْهَاْ مَاْ فِيْ اَلْقُلُوْبِ مِنَ اَلْخَيْرِ وَاَلْشَّرِ.
فَمِنَ اَلْأُمُوْرِ اَلْدَّاْلَةِ عَلَىْ هَؤُلَاْءِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ:
اَلْاِسْتِهَاْنَةُ بِوُلَاْةِ اَلْأَمْرِ مِنْ اَلْعُلَمَاْءِ وَاَلْأُمَرَاْءِ، وَاَلْتَّقْلِيْلُ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَاَلْحَطُّ مِنْ مَنْزِلَتِهِمْ، وَغَضُّ اَلْطَّرْفِ عَنْ مَحَاْسِنِهِمْ، وَإِذَاْعَةُ أَخْطَاْئِهِمْ ، وَجَعْلُهُمْ شَمَّاْعَةً لِكُلِّ مَاْ يَحْدُثُ مِنْ شَرٍ فِيْ اَلْمُجْتَمَعِ، وَهَذَاْ اَلْأَمْرُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ فِيْهِ مُخَاْلَفَةٌ لِأَمْرِ اَلْشَّرْعِ وَاَلْدِّيْنِ، وَفَيْهِ ضَرَرٌ عَلَىْ وُحْدَةِ مُجْتَمَعَاْتِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، فَإِذَاْ كَرِهَ اَلْنَّاْسُ وُلَاْةَ أَمْرِهِمْ ـ وَهُوَ مَاْ يُرِيْدُهُ اَلْضَّاْلُوْنَ اَلْمُضِلُّوْنَ ـ خَفَّتْ مَوَاْزِيُنُ سَمْعَهِمْ ، وَضَاْعَتْ ضَوَاْبِطُ طَاْعَتِهِمْ ، فَكَاْنَتْ نَتِيْجَةُ ذَلِكَ وَخِيْمَةً ، وَلِذَلِكَ يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ اَلْصَّحِيْحِ : (( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )). وَيَقُوْلُ سَهْلُ بِنُ عَبْدِ اَللهِ ـ رَحِمَهُ اَللهُ ـ: لَاْ يَزَاْلَ اَلْنَّاْسُ بِخَيْرٍ، مَاْ عَظَّمُوْا اَلْسُّلْطَاْنَ وَاَلْعُلَمَاْءَ ، فَإِنْ عَظَّمُوْا هَذِيْن؛ أَصْلَحَ اَللهُ دُنْيَاْهُمْ وَأُخْرَاْهُمْ ، وَإِنْ اِسْتَخَفُّوْا بَهَذِيْن؛ أَفْسَدَ دُنْيَاْهُمْ وَأُخْرَاْهُمْ .
فَاَلْاِسْتِهَاْنَةُ بِوُلَاْةِ اَلْأَمْرِ، وَخَاْصَةً اَلْأُمَرَاْء، وَاِتْهَاْمُهُمْ بِاَلْتَّقْصِيْرِ، وَوَصْفُهُمْ بِاَلْاِسْتِئْثَاْرِ وَاَلْتَّقْتِيْرِ: طُعْمُ اَلْخُبَثَاْءِ، لِاْصْطِيَاْدِ اَلْسُّفَهَاْءِ ، وَأَصْحَاْبِ اَلْشَّهَوَاْتِ مِنْ اَلْجُهَلَاْءِ، وَإِنْ كَاْنَ ذَلِكَ فَعَلَهُ أَسْلَاْفُهُمْ، مَعَ اَلْخَلِيْفَةِ اَلْرَّاشِدِ، عُثْمَاْنَ بِنِ عَفَّاْنَ t، صَاْحِبِ رَسُوْلِ اَللهِ e، اَلْمُبَشَّرِ بِاَلْجَنَّةِ، فَكَيْفَ لَاْ يَفْعَلُهُ مَعَ غَيْرِهِ، مَنْ يَمْرُقُ مِنْ اَلْإِسْلَاْمِ ، كَمُرُوْقِ اَلْسَّهْمِ مِنْ اَلْرَّمِيَةِ. فَلْيُبْشِرْ هَؤُلَاْءِ وَمَنْ هُمْ عَلَىْ شَاْكِلَتِهِمْ، بِإِهْاْنَةِ اَللهِ لَهُمْ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ e: (( مَنْ أَهَاْنَ سُلْطَاْنَ اَللَّهِ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَى فِىْ اَلْدُّنْيَاْ ، أَهَاْنَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ )) .
فَعَدَمُ اَلْرِّضَاْ ، عَنْ وُلَاْةِ اَلْأَمْرِ، وَإِعْلَاْنُ ذَلِكَ لِلْمَلَأِ، فَيْهِ دَلِيْلٌ وَاْضِحٌ عَلَىْ خُبْثِ اَلْنَّفْسِ، وَضَلَاْلِ اَلْعَقْلِ، وَاَنْحِرَاْفِ اَلْفِكْرِ، وَفَسَاْدِ اَلْمَنْهَجِ ، وَإِرَاْدَةِ اَلْشَّرِّ لَلْمُجْتَمَعِ .
اَلْعُقَلَاْءُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ لَاْ يَجُرُّوْنَ أَنْفَسَهُمْ إِلَىْ مَوَاْطِنِ حَتْفِهِمْ وَذَبْحِهِمْ ، وَسَفْكِ دِمَاْئِهِمْ، وَهَتْكِ أَعْرَاْضِهِمْ! وَلَاْ يَكُوْنُوْنَ سَبَبَاً فِيْ مَآسِيْ أُمَّتِهِمْ ، وَلَاْ وَسِيْلَةً فِيْ تَعَاْسَةِ وَشَقَاْءِ وَخَوْفِ مُجْتَمَعِهِمْ .
اَلْإِمَاْمُ ـ أَحْمَدُ بِنُ حَنْبَلَ ـ فِيْ عَهْدِهِ ، كَاْنَ اَلْخَلِيْفَةُ يَقُوْلُ بِخَلْقِ اَلْقُرَّآنِ، فَاَجْتَمَعَ فُقَهَاْءُ بَغْدَاْدَ ، وَقَاْلُوْا لَهُ : إِنَّ اَلْأَمْرَ قَدْ تَفَاْقَمَ وَفَشَاء ، وَلَاْ نَرْضَىْ بِإِمَاْرَتِهِ وَلَاْ سُلْطَاْنِهِ !
فَنَاْظَرَهُمْ فِيْ ذَلِكَ ، وَقَاْلَ: عَلَيْكُمْ بِاِلْإِنْكَاْرِ فِيْ قُلُوْبِكِمْ ، وَلَاْ تَخْلَعُوْا يَدَاً مِنْ طَاْعَةٍ، وَلَاْ تَشُقُّوْا عَصَاْ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَلَاْ تَسْفُكُوْا دِمَاْءَكُمْ وَدِمَاْءَ اَلْمُسْلِمِيْنَ مَعَكُمْ، وَاَنْظُرُوْا فِيْ عَاْقِبَةِ أَمْرِكُمْ، وَاَصْبِرُوْا حَتَّىْ يَسْتَرِيْحُ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاْحُ مِنْ فَاْجِرٍ. هَؤُلَاْءِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ اَلْعُلَمَاْءُ اَلْرَّبَّاْنِيُّوْنَ، هَؤُلَاْءِ وَرَثَةُ اَلْأَنْبِيَاْءِ، هَؤُلَاْءِ اَلْنُّجُوْمُ اَلَّتِيْ يُهْتَدَىْ بِهَاْ، وَاَلْأَعْلَاْمُ اَلَّتِيْ يُقْتَدَىْ بِهَاْ، لَيْسَ اَلْعُلَمَاْءَ عُلَمَاْءُ اَلْتَّحْرِيْضِ وَاَلْتَّهْيِيْجِ وَاَلْتَّهْرِيْجِ، اَلَّذِيْنَ يَصْدُقُ عَلِيْهِمْ قَوْلُ اَللهِ تَعَاْلَىْ : } وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { .
فَمَعْرِفَةُ اَلْأَرْجَاْسِ اَلْأَنْجَاْسِ، كِلَاْبِ اَلْنَّاْرِ ، اَلْخَوَاْرِجِ وَأَذْنَاْبِهِمْ، مِمَنْ تَأَثَّرَ بِهِمْ، أَوْ أُعْجِبَ بِمَنْهَجِهِمْ، أَوْ أَيَّدَ ضَلَاْلِهِمْ، يُعْرَفُ بِوَلَاْئِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَتَأْيِيِّدِهِ وَدِفَاْعِهِ، وَمَكَاْنَةِ هَذِهِ اَلْدَّوْلَةِ عَنْدَهُ، اَلَّتِيْ لَاْ يُوْجَدُ عَلَىْ وَجْهِ اَلْأَرْضِ اَلْيَوْمَ، دَوْلَةٌ تَهْتَمُّ بِاَلْدِّيْنِ كَاَهْتِمَاْمِهَاْ، أَوْ تُقِيْمُ شَرْعَ اَللهِ U كَإِقَاْمَتِهَاْ، أَوْ تَخْدِمُ اَلْمُسْلِمِيْنَ كَخَدْمَتِهَاْ، فَلْيَخْسَأَ اَلْنَّاْعِقُوْنَ مِنْ أَرْبَاْبِ اَلْأَفْكَاْرِ اَلْمُنْحَرِفَةِ، وَأَتْبَاْعِ اَلْجَمَاْعَاْتِ اَلْضَّاْلَةِ ، وَاَلْمُعْجَبُوْنَ بِاَلْأَحْزَاْبِ اَلْفَاْسِدَةِ :
لَقَدْ ظَهَرَتْ لِلْمُسْلِمِيْنَ فِعَاْلُكُمْ
عَلَىْ أَنَّهَاْ دِيْنٌ لِشَاْرُوْنَ يَنْتَمِيْ
شَعَرْتُمْ بِهِ أَوْ لَمْ تَكُوْنُوْا شَعَرْتُمُ
فَمَاْ رَكَّةُ اَلْتَّفْجِيْرِ مِنْ صُنْعِ أَخْزَمِ
وَمَنْ كَاْنَ يَجْنِيْ حَرْبَكُمْ فَهُوَ صَاْحِبٌ
لَهَاْ دُوْنَ أَنْ يَرْمِيْ بِقَوْسٍ وَأَسْهُمِ
فَمَنْ غَيْرِ أَعْدَاْءِ اَلْإِلَهِ تَسُرُّهُمْ
صَنَاْئِعُكُمْ يَاْخَيْلَ نَاْرِ اَلْتَّأَزُّمِ
فَكَيْفَ بِأَرْضِ اَلْخَيْرِ وَاَلْدِّيْنِ وَاَلْهُدَىْ
نَمَتْ حَيَّةَ اَلْتَّكْفِيْرِ فِيْ نَاْبِ ضَيْغَمِ
بِلَاْدٌ بِهَاْ أَمْنٌ وَعَدْلٌ وَنِعْمَةٌ
تَمُدُ جَنَاْحَيْهَاْ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمِ
وَفِيْهَاْ لِتَطْبِيْقِ اَلْحُدُوْدِ حُكُوْمَةٌ
لِآلِ سُعُوْدٍ فَضْلُهَاْ غَيْرُ مُبْهَمِ
مُلُوْكٌ عَلَىْ تَعْظِيْمِ شَرْعِ مُحَمَّدٍ
تَبَاْرَوْا بِعَزْمٍ كَاَلْحُسَاْمِ اَلْمُصَمَّمِ
وَفِيْ خِدْمَةِ اَلْإِسْلَاْمِ تِلْكَ جُهُوْدُهُمْ
(تُشِيْرُ بِلَاْ كَفٍّ وَتَشْدُوْا بِلَاْ فَمِ)
فَلَوْ كَاْنَتِ اَلْأَفْضَاْلُ تُحْصَىْ لِدَوْلَةٍ
فَهَيْهَاْتُ يُحْصِيْ فَضْلَهَاْ قَوْلُ مُلْهَمِ
وَلَاْ نَدَّعِيْ فِيْهَاْ اَلْكَمَاْلُ وَإِنَّمَاْ
نَرَىْ أَنَّهَاْ خَيْرٌ مِنَ اَلْسَّفْكِ لِلْدَّمِ
أَسْأَلُ اَللهَ لَيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً خَاْلِصَاً ، وَسَلَاْمَةً دَاْئِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
وَمِمَّاْ يَدُلُّ عَلَىْ اَلْخَوَاْرِجِ وَأَذْنَاْبِهِمْ وَاَلْمُؤَيِّدِيْنَ لِمَنْهَجِهِمْ، وَاَلْمُعْجَبِيْنَ بِأَهْدَاْفِهِمْ: بُغْضُهُمْ وَكُرْهُهُمْ لِمَنْ يُدَاْفِعُ عَنْ أَمْنِ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ، أَوْ يَصِفُهُاْ بِذَلِكَ، فَهُمْ يَضِيْقُوْنَ ذَرْعَاً، عِنْدَمَاْ يَسْمَعُوْنَ مَنْ يَتَكَلَّمَ عَنْ نِعْمَةِ اَلْأَمْنِ، فَهُمْ يُرِيْدُوْنَهَاْ بِلَاْدَاً غَيْرَ آمِنَةٍ، يُرِيْدُوْنَهَاْ كَغِيْرِهَاْ مِنْ اَلْبُلْدَاْنِ اَلَّتِيْ اِسْتَشْرَتْ فِيْهَاْ اَلْفِتَنُ، وَكَثُرَتْ فِيْهَاْ اَلْمَصَاْئِبُ وَاَلْإِحَنُ، وَقَدْ يُهَوِّنُوْنَ مِنْ شَأْنِ هَذِهِ اَلْنِّعْمَةِ اَلْعَظِيْمَةِ، وَاَلْمِنْحَةِ اَلْرَّبَاْنِيَةِ اَلْكَرِيْمَةِ، بِذِكْرِهِمْ لِبَعْضِ مَاْ يَسُوْءُ عَاْمَةَ اَلْنَّاْسِ، كَاَلْبَطَاْلَةِ وَغَلَاْءِ اَلْأَسْعَاْرِ، وَكَثْرَةِ اَلْأَمْرَاْضِ وَاَلْمَوْتِ فِيْ اَلْمِسْتَشْفَيَاْتِ، بَلْ وَقِلَّةِ اَلْأَمْطَاْرِ، وَوُجُوْدِ اَلْأَتْرِبَةِ وَاَلْغُبَاْرِ، هَدَفُهُمْ إِغَاْرَةُ اَلْقُلُوْبِ عَلَىْ وُلَاْةِ اَلْأَمْرِ، لِإِسْقَاْطِ هَيْبَتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ ضَيَاْعُ وُلَاْيَتِهِمْ ، لِتَكُوْنَ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ كَمَاْ يَكُوْنُ غَيْرُهَاْ.
أَسْأَلُ اَللهَ أَنْ لَاْ يُحَقِّقُ لَهُمْ غَاْيَةً، وَلَاْ يُقِيْمُ لَهُمَ عَلَىْ أَرْضِهَاْ رَأْيَةً، إِنَّهُ قَوْيٌ عَزِيْزٌ .
فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلْنَكُنْ عَلَىْ عِلْمٍ فِيْ صِفَاْتِ مَنْ يُرِيْدُوْنَ اَلْشَّرَ لِأُمَّتِنَاْ، وَاَلْفَسَاْدَ لِمُجْتَمَعِنَاْ، وَاَلْفُرْقَةَ لِوِحْدَتِنَاْ، وَلْنُبَاْدِرْ إِلَىْ فَضْحِ مَنْ هَذِهِ صِفَاْتُهُمْ، وَلْنَسْعَىْ عَلَىْ اَلْوِقَاْيَةِ مِنْ شَرِّهِمْ وَخَطَرِهِمْ وَمُخَطَّطَاْتِهِمْ، وَمَاْ عَلَيْنَاْ إِلَّاْ اَلْإِبْلَاْغَ عَنْهُمْ ، فَبِلَاْدُنَاْ فِيْ أَيْدٍ أَمِيْنَةٍ بِإِذْنِ اَللهَ تَعَاْلَىْ. وَكَمَاْ قَاْلَ اَلْنَّبِيُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْمَرْفُوْعِ : (( كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الإِسْلامِ ، اللَّهَ لا يُؤْتَى الإِسْلامُ مِنْ قِبَلِكَ )) .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ U مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاْ : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ يَقُوْلُ r : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ )) فَاَلْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرِكْ ، عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّد ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُوْدِكَ وَكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ ، وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
الْلَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ الإِسْلَاْمِ وَعِزَّ المُسْلِمِيْنَ ، الْلَّهُمَّ احْمِيْ حَوْزَةَ الدِّيْنِ ، وَاجْعَلْ هَذَاْ الْبَلَد آمِنَاً مُطْمَئِنَّاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ المُسْلِمِيْن . الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وِلَاْةَ أُمُورِ المُسْلِمِيْن لِهُدَاْكَ ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ بِرِضَاْكَ ، وَارْزُقْهُم الْبِطَاْنَةَ الْصَّاْلِحَةَ وَأَبْعِدْ عَنْهُم بِطَاْنَةَ الْسُّوءِ يَاْرَبَّ الْعَاْلَمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ حِفْظَ أَمْنِنَاْ ، وَتَوْحِيْدَ كَلِمَتِنَاْ ، وَقُوَّ شَوْكَتِنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ وَلَيَ أَمْرِنَاْ ـ خَاْدِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلْشَّرِيْفَيْنِ ـ وَمَتِّعْهُ بِاَلْصِّحَّةِ وَاَلْعَاْفِيَةِ ، وَسَدِّدْ أَقْوَاْلَهُ وَأَفْعَاْلَهُ ، اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ رِجَاْلَ أَمْنِنَاْ بِحِفْظِكَ ، اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ ، وَاَحْقِنْ دِمَاْءَهُمْ ، وَاَنْصُرْهُمْ عَلَىْ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهُمْ يَاْرَبَّ اَلْعَاْلَمِيْنَ .
اللّهُمّ أَنْتَ اللّهُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ ، تَفْعَلُ مَاْ تَشَاْءُ وَمَاْ تُرِيدُ ، وَأَنْتَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيْدُ ، وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاءُ وَاَلْعَبِيْدُ ، اَلْلّهُمّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اللّهُمّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَك وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيّت اللّهُمّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|