لِلْوَلِيِ اَلْطَّيِّبِ زَوَاْجُ اَلْمُسَيِّبِ
اَلْحَمْدُ للهِ } الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ { ، } يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، وَأَشْكُرُهُ عَلَىْ نِعَمِهِ وَآلَاْئِهِ، } رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ {. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَاْلَمِيْنَ ، وَقِدْوَةً لِلْسَّاْلِكِيْنَ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً ، إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، } يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ { .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لَكُمْ وِلِمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ ، فَهُوَ اَلْقَاْئِلُ U مِنْ قَاْئِلٍ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { فَاَتَّقُوْا اَللهَ -أَحِبَتِيْ فِيْ اَلله- }وَاْتَّقُوْا يَوْمًا تُرْجَعُوْنَ فِيْهِ إِلَىْ اَللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىْ كُلُّ نَفْسٍ مَاْ كَسَبَتْ وَهُمْ لَاْ يُظْلَمُوْنَ { ، جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
سَعِيْدُ بِنُ اَلْمُسَيِّبِ ، سَيِّدُ فُقَهَاْءِ اَلْمَدِيْنَةِ وَاَلْتَّاْبِعِيْنَ ـ رَحِمَهُ اَللهُ ـ يَقُوْلُ اِبْنُ أَبِيْ وَدَاْعَةَ أَحَدُ طُلَّاْبِهِ : كُنْتُ أُجَاْلِسُهُ ـ أَيْ يَطْلُبُ اَلْعَلْمَ عَنْدَهُ ـ يَقُوْلُ : فَفَقَدَنِي أَيَّامًا ، فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ : أَيْنَ كُنْتَ ؟ ، قُلْتُ : تُوُفِّيَتْ أَهْلِيْ ، فَاَشْتَغَلْتُ بِهَاْ ـ أَيْ مَاْتَتْ زَوْجَتُهُ ـ فَقَالَ سَعِيْدُ : أَلَا أَخْبَرْتَنَا فَشَهِدْنَاهَا ؟ . ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أَقُوْمَ فَقَاْلَ : هَلِ اِسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً ؟ فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، وَمَنْ يُزَوِّجُنِي ، وَمَا أَمْلِكُ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ؟ فَقَالَ : أَنَا .
يَقُولُ أَحَدُ اَلْعَاْرِفِينَ بِسَعِيدٍ : وَكَانَ لِسَعِيدٍ بِنْتٌ ، خَطَبَهَاْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، لِابْنِهِ الْوَلِيدَ حِين وَلَّاهُ الْعَهْد ، فَأَبَى سَعِيدٌ أَنْ يُزَوِّجَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ الْمَلِكِ ، يَحْتَالُ عَلَى سَعِيدٍ ، حَتَّى ضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ ، فِي يَوْمٍ بَارِدٍ ، وَصَبَّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ ، وَأَلْبَسَهُ جُبَّةَ صُوفٍ
يَقُولُ ابْنُ أَبِي وَدَاعَةٍ : فَقَالَ : أَنَا ـ أَيْ أَنَاْ أُزَوِّجُكَ ـ فَقُلْتُ : أَوَتَفْعَلُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ تَعَالَى ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ e، وَزَوَّجَنِي عَلَى دِرْهَمَيْنِ أَوْ قَالَ : ثَلَاثَةٍ . قَالَ : فَقُمْتُ وَلَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الْفَرَحِ، فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ: مِمَّنْ آخُذُ وَمِمَّنْ أَسْتَدِينُ ، فَصَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ وَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، وَاسْتَرَحْتُ وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِمًا ، فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ ، كَانَ خُبْزًا وَزَيْتًا ، فَإِذَا بِآتٍ يَقْرَعُ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: سَعِيدٌ . فَتَفَكَّرْتُ فِي كُلِّ إِنْسَانٍ اسْمُهُ سَعِيدٌ ، إِلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلَّا بَيْنَ بَيْتِهِ وَالْمَسْجِدِ ، فَقُمْتُ فَخَرَجْتُ فَإِذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ . فَقُلْتُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ! أَلَا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ . قَالَ : لَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى. قَالَ: قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُ؟ قَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلًا عَزَبًا فَتَزَوَّجْتَ ، فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ، وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُولِهِ، ثُمَّ أَخَذَهَا بِيَدِهَا فَدَفَعَهَا بِالْبَابِ، وَرَدَّ الْبَابَ. فَسَقَطَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحَيَاءِ ، فَاسْتَوْثَقَتُ مِنَ الْبَابِ، ثُمَّ قَدَّمْتُهَا إِلَى الْقَصْعَةِ الَّتِي فِيهَا الزَّيْتُ وَالْخُبْزُ، فَوَضَعْتُهَا فِي ظِلِّ السِّرَاجِ ، لِكَيْ لَا تَرَاهُ . ثُمَّ صَعَدْتُ إِلَى السَّطْحِ ، فَرَمَيْتُ الْجِيرَانَ فَجَاءُونِي ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ ؟ قُلْتُ : وَيْحَكُمْ زَوَّجَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ابْنَتَهُ الْيَوْمَ، وَقَدْ جَاءَ بِهَا عَلَى غَفْلَةٍ. فَقَالُوا: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ زَوَّجَكَ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، وَهَا هِيَ فِي الدَّارِ. قَالَ: فَنَزَلُوا هُمْ إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي فَجَاءَتْ، وَقَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ، إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. قَالَ: فَأَقَمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا ، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَإِذَا هِيَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِمْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ e ، وَأَعْرِفِهِمْ بِحَقِّ الزَّوْجِ . قَالَ : فَمَكَثْتُ شَهْرًا، لَا يَأْتِينِي سَعِيدٌ وَلَا آتِيهِ ، فَلَمَّا كَانَ قُرْبُ الشَّهْرِ ، أَتَيْتُ سَعِيدًا وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ، وَلَمْ يكَلِّمْنِي حَتَّى تَقَوَّضَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي ، قَالَ : مَا حَالُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ ؟ قُلْتُ: خَيْرًا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيقُ وَيَكْرَهُ الْعَدُوُّ. قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ فَالْعَصَا ، فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي ، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
لَقَدْ أَدْرَكَ اَلْعُقَلَاْءُ، أَهَمِّيَةَ اَلْزَّوَاْجِ وَعَمِلُوْا عَلَىْ تَيِسِيِرِهِ ، وَتَعَاْوَنُوْا عَلَيْهِ ، مِنْ بَاْبِ قَوْلِ اَللهِ U : } وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ { . فَاَلْنَّبِيُّ e ، سَعَىْ فِيْ تَزْوُيْجِ جُلَيْبِيْبَ، اَلَّذِيْ لَاْ يَمْلُكُ مَاْلَاً وَلَاْ جَاْهَاً وَلَاْ مَنْصِبَاً وَلَاْ نَسَبَاً ، زَوَّجَهُ اِبْنَةَ أَحَدِ أَنْصَاْرِهِ . وَسَعْدُ بِنُ اَلْرَّبِيْعَ اَلْأَنْصَاْرِيَّ t ، لِمَّاْ آخَىْ اَلْنَّبِيُّ e بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِاَلْرَّحْمَنِ بِنِ عَوْفٍ t، عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ لَهُ إِحْدَىْ زَوْجَاْتِهِ فَيَتَزَوَّجَهَاْ، وَهَذَا كُلّهُ ـ أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ ـ يَدُلُّ عَلَىْ أَهَمِّيَّةِ اَلْزَّوَاْجِ ، وَضَرُورَةِ تَيْسِيرِهِ ، وَالْعَمَلِ عَلَى تَذْلِيلِ الصِّعَابِ الَّتِي تَحُولُ دُونَ تَحْقِيقِهِ ، وَلَكِنْ لَا يُدْرِكُ ذَلِكَ مَعَ الْأَسَفِ ، إِلَّا الْقِلَّةَ مِنْ النَّاسِ :
فَتَشَبَّهُوْا إِنْ لَمْ تَكُوْنُوْا مِثْلَهُمْ
إِنَّ اَلْتَّشَبّهَ بِاَلْكِرَاْمِ فَـلَاْحُ
جَعَلَ أَكْثَرُ اَلْمُسْلِمِيْنَ اَلْيَوْمَ ، بِسَبَبِ بُعْدِهِمْ عَنْ تَعَاْلِيْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَتَرْكِهِمْ لِمَاْ يَجِبُ عَلَىْ اَلْأَوْلِيَاْءِ اَلْصَّاْلِحِيْنَ، جَعَلُوْا اَلْزَّوَاْجَ عَقَبَةً كَئُوْدَاً ، وَأَمْرَاً مُسْتَحِيْلَاً ، وَأُمْنِيَةً صَعْبَةً، عَنْدَ كَثِيْرٍ مِنَ اَلْشَّبَاْبِ ذُكُوْرَاً وَإِنَاْثَاً ، وَمُبَرِّرَاْتُهُمْ مَاْ هِيَ إِلَّاْ أَسْبَاْبٌ جَاْهِلِيَّةٌ، وَأَعْرَاْفٌ قَبَلِيَّةٌ ، وَعَاْدَاْتٌ سَيِّئَةٌ، وَطَمَعٌ خَطِيْرٌ وَاَنْعِدَاْمُ ضَمِيْرٍ ، وَاَلْنَّتِيْجَةُ اَلْفِتْنَةُ وَاَلْفَسَاْدُ اَلْعَرِيْضُ اَلَّذِيْ حَذَّرَ مِنْهُ اَلْنَّبِيُ e ، بِاَلْإِضِاْفَةِ إِلَىْ أَزَمَاْتٍ نَفْسِيَّةٍ، وَأَمْرَاْضٍ عُضْوُيَّةٍ ، عَنْدَ كَثِيْرٍ مِنَ اَلْشَّبَاْبِ وَخَاْصَةً اَلْفَتَيَاْتِ ، وَاَللهِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ إِنَّ فِيْ بُيُوْتِ كَثِيْرَةٍ ؛ نِسَاْءٌ ـ لَاْ أَقُوْلُ فَتَيَاْت ، فَقَدْ تَجَاْوَزْنَ أَنْ يُقَاْلَ لِأَحَدِهِنَّ فَتَاْةٌ ـ نِسَاْءٌ بَلَغْنَ اَلْخَاْمِسَةَ وَاَلْثَّلَاْثِيْنَ مِنْ اَلْعُمُرِ، وَآبَاْؤُهُنَّ يَضَعُوْنَ شُرُوْطَاً تَعْجِيْزِيَّةً مُعَقَّدَةً لِزَوَاْجِهِنَّ، مَاْ أَنْزَلَ اَللهُ بِهَاْ مِنْ سُلْطَاْنٍ، وَلِذَلِكَ اُنْظُرْوا تَأْثِيْرَ ذَلِكَ عَلَىْ نُفُوْسِهِنَّ وَأَجْسَاْدِهِنَّ : أَمْرَاْضٌ مُتَنَوِّعَةٌ، وَعِلَلٌ مُتَعَدِّدَةٌ ، ضَغْطٌ وَسُكْرٌ، صَرَعٌ وَتَشَنُّجٌ، آهَاْتٌ وَحَسَرَاْتٌ ، تَكَاْدُ اَلْوَاْحِدَةُ تَنْفَجِرُ لَوْلَاْ حَيَاْؤُهَاْ وَخَجَلُهَاْ ، وَحُسْنُ ظُنِّهَاْ وَسَلَاْمَةُ نِيَّتِهَاْ.
أَلَاْ فَلْيَتَّقِ اَللهَ أُوْلَاْئِكَ فِيْ بَنَاْتِهِمْ، وَلْيَعْلَمُوْا بِأَنَّ مَصْلَحَةَ اَلْفَتَاْةِ ، وَسَعَاْدَتَهَاْ فِيْ أَنْ يَكُوْنَ لَهَاْ زَوْجٌ تَسْكُنُ إِلَيْهِ، وَيَغْمِرُهَاْ بِمَوَدَّتِهِ وَرَحْمَتِهِ، اَلَّتِيْ ذَكَرَ اَللهُ U بِقَوْلِهِ: } وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ { .
بَاْرَكَ اَللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فِيْهِ مِنَ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَأَنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلْرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
اَلْزَّوَاْجُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ اَلْحَيَاْةِ، ولَاْ تَحْلُوْ اَلْحَيَاْةُ وَلَاْ تَكْمُلُ سَعَاْدَتُهَاْ ، وَلَاْ تُذَاْقُ لَذَّتُهَاْ إِلَّاْ بِهِ ، وَلِهَذَاْ يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ )) ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ ، يَقُوْلُ e: (( إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ فَقَدْ كَمُلَ نِصْفُ الدِّينِ ، فَلْيَتَّقِ اللهَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي )) .
فَاَلْزَّوَاْجُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ سَنَّةٌ مِنْ سُنَنِ اَلْحَيَاْةِ ، لَوْ كَاْنَ لِأَحَدٍ غِنَاً عَنْهُ ، لِاِسْتَغْنَىْ عَنْهُ أَنْبِيَاْءُ اَللهِ وَرُسُلُهُ ، عَلَيْهِمْ جَمِيْعَاً اَلْصَّلَاْةُ وَاَلْسَّلَاْمُ ، يَقُوْلُ U لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ e } : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً { . بَلْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ حَذَّرَ اَلْنَّبِيُ e اَلَّذِيْ قَاْلَ لَاْ يَتَزَوَّجَ اَلْنِّسَاْءَ ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ، كَمَاْ فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، قِصَّةُ اَلْثَّلَاْثَةِ ، وَفِيْهِ قَوْلُهُ e: (( إنِّيْ لِأَخْشَاْكُمْ للهِ ، وَأَتْقَاْكُمْ لَهُ، وَلَكِنِّيْ أَصُوْمُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّيْ وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ اَلْنِّسَاْءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِيْ فَلَيْسَ منِّيْ )).
فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلْنَتَعَاْوُنْ عَلَىْ تَيْسِيْرِ اَلْزَّوَاْجِ لِمَنْ هُمْ بِحَاْجَتِهِ ، وَلْنَحْذَرْ اَلْمُخَاْلَفَاْتِ اَلْشَّرْعَيَّةِ، وَاَلْمَظَاْهِرَ اَلْغَيْرَ إِسْلَاْمِيَّة، اَلَّتِيْ تَسَبَبَتْ فِيْ تَعْقِيْدِ اَلْزَّوَاْجِ ، وَأَدَّتْ إِلَىْ تَعْطِيْلِهِ وَتَأْخِيْرِهِ وَتَأْجِيْلِهِ .
اَسْأَلُ اَللهَ أَنْ يَهْدِيَ ضَاْلَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَاْ جَمِيْعَاً مِنَ اَلْعَاْمِلِيْنَ بِكِتَاْبِهِ ، اَلْمُتَمَسِّكِيْنَ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ ، اَلْسَّاْئِرِيْنَ عَلَىْ مَنْهَجِ عِبَاْدِهِ اَلْصَّاْلِحِيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى ، وَالْتُّقَىْ ، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ ، وَتُوَفَّنَا شُهَدَاء ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ يَاْرَبَّ الْعَالَمَيْن . اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَاَلْنَّارِ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ مِظَلَّاتِ الْفِتَنِ ، مَاْظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ غِنًى يُطْغِينَا ، وَمِنْ فَقْرٍ يُنَسِّينَا ، وَمِنْ مَرَضٍ يُؤْذِينَا ، وَمِنْ بَلَاءٍ يُشْقِينَا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اَللَّهُمَّ أَوْزِعْنَا شُكْرُ نِعَمِكَ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ ذَاكِرِينَ ، اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَمْنَنَا ، وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ، وَاسْتُرْنَا بِسِتْرِكَ الَّذِي لَا يَنْكَشِف ، اللَّهُمَّ مِنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلَادِنَا بِسُوءٍ ، اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ فِي نَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيَدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ يَاْرَبَّ الْعَالَمَيْنِ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |