الإشتياق للسلامة من النفاق
اَلْحَمَدُ لِلهِ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْن ، وَاَلْعَاْقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ ، وَلَاْ عُدْوَاْنَ إِلَّاْ عَلَىْ اَلْظَّاْلِمِيْنَ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ، إِلَهُ اَلْأَوَّلِيْنَ وَاَلْآخِرِيْنَ، وَقَيُّوْمُ اَلْسَّمَوَاْتِ وَاَلْأَرَضِيْنَ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، إِمَاْمُ اَلْمُتَّقِيْنَ وَقَاْئِدُ اَلْغُرِّ اَلْمُحَجَّلِيْنَ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَاَلْتَّاْبِعِيْنَ لَهُم بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْن .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
أُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِيْ ، بِوَصِيَّةِ اَللهِ لَكُمْ ، وَلِمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ ، تَقْوَىْ اَللهِ U: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { فَــ: } اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
رَوَىْ اَلْإِمَاْمُ مُسْلِمٌ ـ رَحِمَهُ اَللهُ ـ فِيْ صَحِيْحِهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ e : (( مَنْ مَاْتَ وَلَمْ يَغْزُ ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ )) ، وَاَلْمُرَاْدُ بِاَلْغَزْوِ هُنَاْ : اَلْجِهَاْدُ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ U ! اَلَّذِيْ يَأْمُرُ بِهِ ، وَيَسْتَنْفِرُ إِلَيْهِ وَلِيُ أَمْرِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، لَيْسَ اَلْمَقْصُوْدُ بِاَلْجِهَاْدِ ؛ جِهَاْدَ اَلْخَوَاْرِجِ اَلْتَّكْفِيْرِيِّيْنَ ، اَلَّذِيْنَ يَقْتِلُوْنَ أَهْلَ اَلْإِسْلَاْمِ، وَيَدَعُوْنَ أَهْلَ اَلْأَوْثَاْن، وَيَتَسَتَّرُوْنَ بِاَلْدِّيْنِ، وَمَصَاْلِحِ اَلْمُسْلِمِيْنَ، لِكَيْ يَصِلُوْا إِلَىْ اَلْكَرَاْسِيْ وَاَلْمَنَاْصِبِ، وَاَلْرِّئَاْسَاْتِ وَاَلْزَّعَاْمَاْتِ ، كَمَاْ يَفْعَلُ خُوَّاْنُ اَلْمُسْلِمِيْنَ، اَلَّذِيْنَ يَقُوْلُوْنَ: اَللهُ غَاْيَتُنَاْ وَاَلْرَّسُوْلُ قُدْوَتُنَاْ وَاَلْقُرَّآنُ دُسْتُوْرُنَاْ وَاَلْجِهَاْدُ سَبِيْلُنَاْ، وَغَاْيَتُهُمْ اَلْكَرَاْسِيْ، وَقُدْوَتُهُمْ حَسَنُ اَلْبَنَّاْء ، وَدُسْتُوْرُهُمْ كِتَاْبُ مَعَاْلِمٌ فِيْ اَلْطَّرِيْقِ، وَسَبِيْلُهُمْ اَلْمُظَاْهَرَاْتُ وَاَلْاِعْتِصَاْمَاْتُ وَاَلْتَّفْجِيْرُ، وَهَذَاْ مَاْ تَبَيَّنَ مِنْ أَفْعَاْلِهِمْ، فَهُمْ كَاْذِبُوْنَ أَفَّاْكُوْنَ مُحْتَاْلُوْنَ، وَلَعَلَ أَكْبَرَ دَلِيْلٍ عَلَىْ ذَلِكَ ، أَنَّهُمْ حَكَمَوْا مِصْرَ عَاْمَاً كَاْمِلَاً ، فَلَمْ تُقْطَعْ يَدَ سَاْرِقٍ ، وَلَمْ يُجْلَدْ شَاْرِباً ، وَلَمْ يُرْجَم زَاْنِيَاً ، وَلَمْ يُقَمْ حَدَّاً مِنْ حُدُوْدِ اَللهِ U !! فَجِهَاْدُهُمْ لِلْكَرَاْسِيْ وَاَلْمَنَاْصِبِ ، وَهُوَ اَلْأَمْرُ اَلَّذِيْ لَمْ يَخْفَ عَلَىْ رَسُوْلِ اَللهِ e، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ e عَنِ الرَّجُلِ ؛ يُقَاتِلُ شُجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً , أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ e: (( مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا , فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) .
وَلَيْسَ اَلْمَقْصُوْدُ بِاَلْجِهَاْدِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ جِهَاْدَ اَلْصُّوْفِيِّيْنَ ، جَمَاْعَةِ اَلْتَّبْلِيْغِ ، اَلَّذِيْنَ يَنْشِرُوْنَ اَلْشِّرْكَ وَاَلْبِدَعَ ، وَخَلْعَ اَلْبِيَّعِ فِيْ مُجْتَمَعَاْتِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَيَسْتَدِلُّوْنَ بِقَوْلِهِ تَعَاْلَىْ : } وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا { عَلَىْ نَشْرِ أَفْكَاْرِ وَسُبُلِ أَمِيْرِهِمْ مُحَمَّدِ إِلْيَاْس، اَلَّتِيْ تَقْضِيْ عَلَىْ اَلْعِلْمِ وَاَلْعُلَمَاْءِ ، وَتُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِ اَلْفِقْهِ وَاَلْفُقَهَاْءِ، وَتُعَطِّلُ اَلْجِهَاْدَ بِاَسْمِ اَلْجِهَاْدِ ، فَجِهَاْدُهُمْ أَنْ تَخْرُجَ مَعَهَمْ ، وَتَنْظَمَّ إِلَىْ صَفِّهِمْ ، وَتَتَمَسَّكَ فِيْ صِفَاْتِ جَمَاْعَتِهِمْ .
فَاَلْمَقْصُوْدُ بِاَلْجِهَاْدِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ اَلْوَاْرِدُ فِيْ اَلْكِتَاْبِ وَاَلْسُّنَّةِ، اَلْجِهَاْدَ اَلْشَّرْعِيِ ، اَلْجِهَاْدَ اَلْخَاْلِصَ لِإِعْلَاْءِ كَلِمَةِ اَلْتَّوْحِيْدِ ، وَنُصْرَةِ اَلْكِتَاْبِ وَاَلْسُّنَّةِ، وَحِمَاْيَةِ اَلْمَشَاْعِرِ وَاَلْمُقَدَّسَاْتِ. وَاَلَذَّوْدِ عَنْ أَعْرَاْضِ وَدِمَاْءِ وَأَمْوَاْلِ وَعُقُوْلِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . فَاَلَّذِيْ لَاْ يَعْمَلُ عَلَىْ ذَلِكَ ، وَلَاْ يَكُوْنُ مُسْتَعِدَّاً لَهُ مَتَىْ مَاْ طُلِبَ مِنْهُ وَفُرِضَ عَلَيْهِ ، كَمَاْ قَاْلَ اَلْنَّبِيُّ e : (( مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ )) .
فَاَلْمُؤْمِنُ اَلْصَّاْدِقُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ يَكُوْنُ بَيْنَ حَاْلَيْنِ ؛ إِمَّاْ أَنْ يَكُوْنَ مُجَاْهِدَاً بِنَفْسِهِ مُقَاْتِلَاً فِيْ سَبَيْلِ رَبِّهِ، أَوْ يَكُوْنَ مُحَدِّثَاً لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ! أَمَّاْ إِذَاْ كَاْنَ غَاْفِلَاً، لَاْ يُجَاْهِدُ وَلَاْ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِاَلْجِهَاْدِ ، فَهُوَ عَلَىْ شُعْبَةٍ مِنَ اَلْنِّفَاْقِ، وَلَيْسَ اَلْمُرَاْدُ بِحَدِيْثِ اَلْنَّفْسِ فِيْ هَذَاْ اَلْحَدِيْثِ اَلْخَوَاْطِرِ وَاَلْأَمَاْنِيِ ، فَاَلْخَوَاْطِرُ وَاَلْأَمَاْنِيُّ ، لَاْ اِعْتِبَاْرَ لَهَاْ وَلَاْ قِيْمَةَ لَهَاْ بِاَلْإِيْمَاْنِ ، يَقُوْلُ U: } لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ {، وَيَقُوْلُ اَلْحَسَنُ اَلْبَصْرِيُّ : لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي وَلَا بِالتَّحَلِّي؛ وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ . فَحَدِيْثُ اَلْنَّفْسِ ، اَلْمَقْصُوْدُ فِيْ هَذَاْ اَلْحَدِيْثِ : اَلْنِّيَّةَ اَلْصَّاْدِقَةَ ، وَاَلْعَزْمَ اَلْأَكِيْدَ عَلَىْ اَلْجِهَاْدِ .
وَلَاْ شَكَّ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَنَّ اَلْجِهَاْدَ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، فَرِيْضَةٌ مِنْ فَرَاْئِضِ اَلْإِسْلَاْمِ ، بَلْ إِنَّ بَعْضَ اَلْعُلَمَاْءِ ، عَدَّهُ رُكْنَاً سَاْدِسَاً مِنْ أَرْكَاْنِهِ ، وَاَلْنَّبِيُ e جَعَلَهُ ذَرْوَةَ سَنَاْمِهِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e: (( رَأسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ ، وَعَمُودُهُ الصَلَاةُ , وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ )) فَشَأْنُ اَلْجِهَاْدِ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ شَأْنٌ عَظِيِمٌ ، يَقُوْلُ U: } لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ، جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ، ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ )) فَفَضْلُ اَلْجِهَاْدِ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ؛ فَضْلٌ عَظِيْمٌ ، وَلِذَلِكَ جَاْءَ فِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ رَوَاْهُ اَلْبُخَاْرِيُ، أَنَّ اَلْنَّبِيَ e قَاْلَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ فَأُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ )) وَفِيْ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ ، يَقُوْلُ e: (( تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي ، وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي ، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا ، مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ، حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا ، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً ، فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو ، فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ )) .
فَهَنِيْئَاً ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ لِمَنْ جَاْهَدَ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، فَفِيْ حَدِيْثٍ حَسَّنَهُ اَلْتِّرْمِذِيُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ e بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَةٌ فَأَعْجَبَتْهُ لِطِيبِهَا ، فَقَالَ : لَوْ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ ، فَأَقَمْتُ فِي هَذَا الشِّعْبِ ، وَلَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللهِ e ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ e ، فَقَالَ : (( لا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامَاً ، أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ ، وَيُدْخِلَكُمْ الْجَنَّةَ ، اغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ ، مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ )) وَفَوَاْقُ اَلْنَّاْقَةِ ؛ هُوَ مَاْبَيْنَ حَلْبَتَيْهَاْ .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنَ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ
} إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ { بَاْرَكَ اَللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآْنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فَيْهِ مِنَ اَلْآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَاَسْتَغْفِرُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنِ اَلْجِهَاْدِ وَفَضْلِهِ ، وَمَاْ أَعَدَّ اَللهُ لِمَنْ قَاْمَ بِهِ ، يَجْدُرُ بِنَاْ أَنْ نُشِيْرَ إِلَىْ مَاْ يَنْبَغِيْ لَنَاْ نَحْوَ جُنُوْدِ جَيْشِنَاْ فِيْ جُنُوْبِ بِلَاْدِنَاْ، اَلَّذِيْنَ يَذُوْدُوْنَ عَنْ مُقَدَّسَاْتِنَاْ وَأَعْرَاْضِنَاْ، بَلْ عَنْ دِيْنِنَاْ وَعَقِيْدَتِنَاْ، وَيُقَدِّمُوْنَ أَرْوَاْحَهُمْ اَلْغَاْلِيَةَ فِيْ سَبِيْلِ صَدِّ اَلْتَّمَدُّدِ اَلْصَّفَوُيِّ اَلْإِيْرَاْنِيِ فِيْ مَنْطِقَتِنَاْ، فَيَنْبَغِيْ مُشَاْرَكَتُهُمْ فِيْ جِهَاْدِهِمْ ، بِمَاْ شَرَعَ لَنَاْ رَبُّنَاْ U ، فَقَدْ ثَبَتَ فِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ أَنَّ اَلْنَّبِيَ e قَاْلَ : (( مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْغَازِي شَيْئًا )) وَفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ آخَر، يَقُوْلُ e : (( مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا ، فَقَدْ غَزَا ، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ ، فَقَدْ غَزَا )) ، فَمِنْ وَاْجِبِهِمْ عَلَيْنَاْ ، تَشْجِيْعُهُمْ وَرَفْعُ مَعْنَوِيَّاْتِهِمْ ، وَاَلْدُّعَاْءُ لَهُمْ، وَرِعَاْيَةُ أَهْلِهِمْ ، وَقَضَاْءُ حَوَاْئِجِهِمْ ، وَذَلِكَ كُلُّهِ مِنَّاْ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ U ، يُعْطِيْنَاْ عَلَيْهِ سُبْحَاْنَهُ خَيْرَاً مِنْهُ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ، فَفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ: جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . فَقَالَ e : (( لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ )) .
فَلْنَتَقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلَنُحَدِّثْ أَنْفُسَنَاْ بِاَلْغَزْوِ ، وَلَنَسْتَعِدّ لِذَلِكَ، وَنُكْثِرْ مِنَ اَلْدُّعَاْءِ لِوُلَاْةِ أَمْرِنَاْ، وَاَلْرِّجَاْلِ اَلَّذِيْنَ يَعْمَلُوْنَ عَلَىْ حِفْظِ أَمْنِنَاْ وَدِيْنِنَاْ وَعَقِيْدَتِنَاْ .
أَسْأَلُهُ U أَنْ يَحْفَظَنَاْ بِحِفْظِهِ اَلَّذِيْ لَاْ يُرَاْم ، وَيَكْلَأَنَاْ بِعَيْنِهِ اَلَّتِيْ لَاْ تَنَاْم ، وَيَرُدَّ عَنَّاْ كَيْدَ اَلْكَاْئِدِيْنَ ، وَبَأْسَ اَلْكَاْفِرِيْنَ ، وَيَحْفَظَنَاْ بِاَلْإِسْلَاْمِ قَاْئِمِيْنَ وَرَاْقِدِيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) فَاَلْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ وَفْقْ وَلِاْةَ أَمْرِنَاْ لِهُدَاْكَ ، وَاَجْعَلْ عَمَلَهُمْ بِرِضَاْكَ ، وَاَرْزُقْهُمْ اَلْبِطَاْنَةَ اَلْصَّاْلِحَةَ اَلْنَّاْصِحَةَ ، اَلَّتِيْ تَدُلُّهُمْ عَلَىْ اَلْخَيْرِ وَتُعِيْنُهُمْ عَلَيْهِ ، وَأَبْعَدْ عَنْهُمْ بِطَاْنَةَ اَلْسُّوْءِ يَاْرَبَّ اَلْعَاْلَمِيْن .
اللّهُمّ أَنْتَ اللّهُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ ، تَفْعَلُ مَاْ تَشَاْءُ وَمَاْ تُرِيدُ ، وَأَنْتَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيْدُ ، وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاءُ وَاَلْعَبِيْدُ ، اَلْلّهُمّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ،اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيعًا طَبَقًا غَدَقًا غَيْرَ رَائِثٍ ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |