القائمة الرئيسية احصائيات الزوار لهذا اليوم : 2512 بالامس : 3802 لهذا الأسبوع : 12723 لهذا الشهر : 8893 لهذه السنة : 2791480 منذ البدء : 17455330 تاريخ بدء الإحصائيات : 16-6-2013 |
خطبة رقم (49): باب قول: ما شاء الله وشئت المادة خطبة رقم (49): باب قول: ما شاء الله وشئت. الحمد لله ملأ بنور الإِيمان قلوب أهل السعادة، فأقبلت على طاعة ربها منقادة، فحققوا حسن المعتقد وحسن العمل وحسن الرضا وحسن العبادة، أحمده - سبحانه - وأشكره وقد أذن لمن شكره بالزيادة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغ صاحبها الحسنى وزيادة، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله المخصوص بعموم الرسالة وكمال السيادة، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الناس أوصيكم - ونفسي - بتقوى الله - عز وجل - فتقواه خير زاد، وهي نعم العدة ليوم المعاد. عباد الله: الهداية أجل المطالب، ونيلها أشرف المواهب، وطاعة الله وعبادته الملاذ الآمن عند الشدائد: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82] والالتجاء إلى الله وحده هو السبيل عند طوفان الفتن والمحن والكروب، قال الله - عز وجل-: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 87 – 88]. إن نقاء العقيدة يصحح النية، ويُلجم الهوى ويبارك في العمل أيها المسلمون: روى النسائي عن قُتيلة أن يهوديًا أتى النبي r فقال: إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة؛ فأمرهم النبي r «إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت». أتى يهودي للرسول r منكرًا على أهل الإِسلام وقوعهم في ألفاظ هي من الشرك الأصغر، فقال: إنكم تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، وهي نقص في المسلمين إذ ذاك قبل أن يتبين لهم تحريمها. وقد قال اليهودي مقالته هذه؛ لأجل عداوته لأهل الإسلام، وطلب تنقيصهم والطعن فيهم، وإلا فقد وقع هو وقومه فيما هو أعظم من ذلك وهو: الشرك الأكبر. وقد أمر الرسول r أصحابه باجتناب الألفاظ الشركية. ولم ينكر الرسول r مقالة اليهودي هذه، بل قَبِل الحق، فأمر أصحابه في الحديث بما يلي: أن يجتنبوا قول: (ما شاء الله وشئت)؛ لأن الواو تفيد التسوية بين الخالق والمخلوق، وذلك شرك أصغر، وأرشدهم إلى قول: (ما شاء الله ثم شئت)؛ لأنّ (ثم) تفيد الترتيب والتراخي، فللعبد مشيئة، ولكنها تابعة لمشيئة الله، قال سبحانه: ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ﴾ [التكوير: 29]. وكذلك أمرهم أن يجتنبوا قول: (والكعبة)؛ لأنه حلف بغير الله، وذلك شرك أصغر. وأمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا، أن يقولوا: (ورب الكعبة) فالكعبة معلوم شرفها وفضلها، فقد جعلها الله قبلة المسلمين وشرع - سبحانه - الطواف بها، ومع ذلك لا يُحلف بها، ولا يُتمسح بها، ولا تُدعى من دون الله، فالعبادة حقٌّ خالص لله رب العالمين. وعند النسائي، أن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلاً قال للنبي r: ما شاء الله وشئت، قال: «أجعلتني لله ندًا؟ بل ما شاء الله وحده». أنكر الرسول على من عطف مشيئته على مشيئة الله، بقوله: «اجعلتني لله ندًا» أي: ليس لي أن تسويني بالله، ثم بين كمال التوحيد، وذلك بإثبات المشيئة لله وحده (ما شاء الله وحده). إن الواجب على العبد المسلم الحذر من الألفاظ الشركية التي تفيد التسوية بين الله وخلقه، كقول: (ما شاء الله وشئت) و (هذا من الله ومنك) و (أرجو الله وفلانًا)، (وكقول الله لي في السماء وأنت لي في الأرض)، (والله حسبي في السماء وأنت حسبي في الأرض)، وغير ذلك من ألفاظ المحذورة. عباد الله: إن تعظيم النبي r بلفظ يقتضي مساواته للخالق شرك، فإن كان يعتقد المساواة؛ فهو شرك أكبر، وإن كان يعتقد أنه دون ذلك؛ فهو أصغر، وإذا كان هذا شركًا؛ فكيف بمن يجعل حق الخالق للرسول r؟! هذا أعظم؛ لأنه r ليس له شيء من خصائص الربوبية، بل يلبس الدرع، ويحمل السلاح، ويجوع ويتألم، ويمرض، ويعطش كبقية الناس، ولكن الله فضَّله على البشر بما أوحي إليه من هذا الشرع العظيم، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ [الكهف: 110]؛ فهو بشر، وأكد هذه البشرية بقوله: ﴿مِّثْلُكُمْ﴾، ثم جاء التمييز بينه وبين بقية البشر بقوله تعالى: ﴿يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ ولا شك أن الله أعطاه من ألأخلاق الفاضلة التي بها الكمالات من كل وجه: أعطاه من الصبر العظيم، وأعطاه من الكرم ومن الجود، لكنها كلها في حدود البشرية، أما أن تصل إلى خصائص الربوبية؛ فهذا أمر لا يُمكن، ومن إدعى ذلك؛ فقد كفر بمحمد r، وكفر بمن أرسله. فلا نغلو في الرسول - عليه الصلاة والسلام - فننزله في منزلة هو يُنكرها، ولا نهضمه حقه الذي يجب علينا، فنعطيه ما يجب له، ونسأل الله أن يعيننا على القيام بحقه، ولكننا لا ننزله منزلة الرب - عز وجل-. عباد الله: لابن ماجه عن الطفيل أخي عائشة لأمها؛ قال: رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون عزير ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، ثم مررت بنفر من النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي r فأخبرته، فقال: «هل أخبرت بها أحدًا؟» قلت: نعم، قال: فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: «أما بعد فإن طفيلاً رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله وحده». رأى الطفيل - t - في منامه أنّه مَرّ على جماعة من اليهود وجماعة من النصارى، وأنه امتدح كلا الفريقين غير أنه عاب عليهم أنهم يشركون مع الله فينتسبون إليه الولد، فاليهود يقولون: عزير ابن الله، والنصارى يقولون: المسيح ابن الله - تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا-. ثم بين - t - أنهم مدحوا أهل الإِسلام إلا أنهم عابوا عليهم أنهم يعطفون مشيئة الرسول r على مشيئة الله بالواو، كقولهم: ما شاء الله وشاء محمد، وذلك شرك أصغر. وفي الحديث دلالة على أن اليهود والنصارى يعرفون الشرك الأصغر، ومع ذلك يشركون بالله الشرك الأكبر، ولم يريدوا بمقالتهم المناصحة؛ وإنما أرادوا بها تنقص أهل الإِسلام والقدح فيهم، وإظهار مساوئهم والطعن فيهم. ولما أصبح الطفيل - t - قصَّ هذه الرؤيا على بعض أصحابه، ثم أخبر بها النبي r فحمد الله - سبحانه - وأثنى عليه، وقال: «إنكم قلتم كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها» [رواه أحمد]. فقد كان r يكرهها لكنه يستحي أن ينكرها لأنه لم يؤمر، وبعد هذه الرؤيا الصالحة نهاهم عنها بقوله: لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد لما فيها من التسوية بين الخالق والمخلوق، وأرشدهم إلى قول: «ما شاء الله وحده» لأن ذلك أكمل في التوحيد. ويستفاد من هذه القصة: أن أحكام الشرع جاءت بالتدريج، فكل شيء يؤمر به أو ينهى عنه في الوقت المناسب له. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: 65]. بارك الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمد لله الرحيم الرحمن، علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، له مقاليد السموات والأرض، - سبحانه - كل يوم هو في شأن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ,اشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، سيد ولد آدم أجمع، وخير من صلى وركع، وأبلغ من دعا إلى الله فأسمع، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الأتقياء البررة، ورضى عنهم وعن عباده التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: عباد الله: الرؤيا الصالحة قد تكون سببًا لتشريع الأحكام في عهد الرسول r كما في حديث الطفيل، أما بعد موته r فلا يجوز العمل بالرؤيا في تحريم الحلال أو تحليل الحرام، والرؤيا ثلاثة أقسام: الأول: الرؤيا من الله وهي الرؤيا الحق، وقد تكون بشارة، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [يونس: 63 – 64] فسرت البشرى في الحياة الدنيا بالرؤيا الصالحة، يراها الرجل أو تُرى له، وفسرت بمحبة الناس له، والثناء عليه، وقد تكون الرؤيا نذارة أو تحذير له من أمر أو شخص. الثاني: ما يكون من الشيطان من الأحلام المزعجة، وقد تكون بسبب أن النائم لم يذكر الأوراد الشرعية عند النوم. فإذا رأى النائم شيئًا من ذلك فليتحول عن جنبه الذي كان عليه إلى الجنب الآخر وينفث عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. الثالث: أضغاث أحلام وهي أفكار كان يفكر بها في اليقظة فتتوارد في نومه. وعلى المسلم أن يحرص عند نومه على أذكار النوم، كقراءة آية الكرسي، وأن يجمع كفيه ثم ينفث فيهما، فيقرأ فيهما المعوذات ثلاثًا ثم يمسح بهما مما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ثلاث مرات ثم يقرأ (قل يا أيها الكافرون ثم ينام على خاتمتها فإنها براءة من الشرك) كما ورد في الصحيح عنه r. التعليقات : 0 تعليق إضافة تعليق جديد المواد روابط ذات صلة
|