التحذير من فتنة الدجال والخوارج داعش
ألقاها في مدينة حائل 12/10/1435هـ
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلف من إخوانه المرسلين وسار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد :
عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
أيها المؤمنون إن من علامات آخر الزمان انتشار الفساد وفشوّه بين الناس حتى يغدوا الحق باطلاً ويغدوا الباطلُ حقاً ، ويصير المعروف منكراً والمنكرُ معروفاً ، فقد جاء في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَات يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، فَإِذَا كَانَ ذَلكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ ) ، إن الدجال يا عباد الله وهو أخطر عدوً وأشده وأخطر فتنة وأعظمها من لدن آدم إلى قيام الساعة ، إنما يكون قبله ارهاصات ومنها فساد الزمان بفساد أهله ،
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
روى الإمام أحمد في مسنده عن الصعب بن جثّامة الليثي – رضي الله عنه – قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَذْهَلَ النَّاسُ عَنْ ذِكْرِهِ ، وَحَتَّى تَتْرُكَ الْأَئِمَّةُ ذِكْرَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ ) ، وفي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان – رضي الله عنه – الطويل قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً – أي على حين غُرة وفُجأة – بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا ، أَلا يََا عِِبََادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا، أَلا يََا عِِبََادََ اللَّهِ فَاثْبُتُوا ).
إن الدجال يا عباد الله يسلب الناس بأنواع من الشهوات وأنواع عظيمة من الشبهات تغسل قلوب الناس وأدمغتهم حتى يصير الحق بينهم باطلاً ويصير الباطلُ بينهم حقاً، تتقلبُ فيه المفاهيم وتختلف فيه الموازين، والعبرة والاعتبار ليس إلى أهل العلم وإنما إلى أهل الجهالة وأهل السفاهة ، في الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صُدُورِ الْعُلَمَاء , وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءَ , فَإِذَا ذَهَبَ العُلَمَاء , اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالا , فَسُئِلُوا , فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ , فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) ، وفي الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم : ( لا تقومُ السَّاعةُ حَتّى يُرفَعَ العِلْمُ ويُكثُرَ الجهلُ ويفشو الزنا ويفشو القلم ) ، العلم في تناقص وفشوا الجهل في تفاقم وارتفاع الأمية في القراءة والكتابة في ازدياد ، ولكن يقل مع ذلك العلماء .
يقول صلى الله عليه وسلم كما جاء عند أحمد وعند بعض أهل السنن : ( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتّى يُؤْكَلُ الرِّبَا يُسَمّى بِغَيْرِ اسْمِهِ، وَحَتّى تُشْرَبُ الْخَمْرُ تُسْمَّى بِغَيْرِ اسِْمِهِا ) ، وهذا وقع ومازال يتحقق وقوعه تكاثراً بالجهل تارات وبانقلاب المفاهيم واضطراب موازينها تاراتٍ أخرى .
قتل المؤمن ظلماً وعدواناً يعده بعض الناس من المغرورين ومن المتعالمين ومن الخوارج جهاداً في سبيل الله ، يعدون قتل أنفسهم بالتفجير وبالعمليات الانتحارية التي يسمونها زوراً وباطلاً بالعمليات الانغماسية الجهادية ، يعدون ذلك جهاداً وفوزاً وفرحاً بما عند الله بما أعده لعباده ، وهو قتل للمؤمن بغير وجه حق وهو أعظم ذنبٍ عُصي الله جل وعلا به بعد الشرك به سبحانه ، يقول جلا وعلا في آية سورة النساء: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) خمسة أنواع من الوعيد واحدة منها كافية في تصيير هذا الذنب من كبائر الذنوب؛ ويأتي من هؤلاء الجهال ممن غسلت أدمغتهم وانقلبت مفاهيمهم وعظم جهلهم فينسبونها إلى الجهاد في سبيل الله زوراً وبهتاناً وهذه هي الخوارج في عقيدتها وهي الخوارج في منهجها من لدن عهده صلى الله عليه وسلم وإلى أن يخرج بقيتهم فيكونوا أتباعاً للدجال كما ثبت بذلك الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم .
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما سمعتم واستغفرُ الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله تترى، أعاد مواسم الخيرات على عباده مرة بعد أخرى، فلا ينقضي موسمٌ إلا ويعقبه الآخر رحمة منه سبحانه وفضلا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً أما بعد :
عباد الله فقد ثبت في الصحيحين في حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – واللفظ لمسلم أن عبدالله بن ذي الخويصرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم غنائم أوطاس في الجِعِرَّانة فقال يا رسول الله اعدل فإنك لم تعدل فإن هذه قسمة لم يرد بها وجه الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : (ويلك خبتُ وخسرتُ إن لم أعدل، إلا تأمنونني وأنا أمين من في السماء)، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه ، قال صلى الله عليه وسلم : (دعه يا عمر فإنه سيخرج من ضئضئ هذا – أي من أصل قوله ومقالته – قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وقراءتكم إلى قراءتهم يأخذون من الليل – أي قياماً وتهجدا – أكثر مما تأخذون، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، أو قال لا يجاوز تراقِيهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، لأن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد هم شر قتلى تحت أديم السماء) هؤلاء هم الخوارج المتعالمون وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف الوارد، بهذا الوصف الدقيق أن الصحابة رضي الله عنهم يغترون بعلمهم ويغترون بديانتهم وعباداتهم ولكن لا عقل لهم ولا دين، سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان يقولون من خير قول البرية لكن أقوالهم تخالف أفعالهم .
وهم في كل زمان يتجددون وإنْ اختلفت مسمياتهم، فهم الخوارج وهم الأزارقة وهم الصوفية وهم النجدات، وهم في هذا الزمان القاعدة، وهم في هذا الزمان الدواعش، وهم في هذا الزمان من تسمى بهذا الاسم ممن يزعمون أنهم مجاهدون في سبيل الله، ولكنهم سلطوا سيوفهم بل وقنابلهم ورصاصهم في قلوب المؤمنين وسلم منهم اليهود والصهاينة المغتصبون وهم على مشارف حدودهم، ألا فافطنوا إلى مكرهم ولا يغرينكم بهرجَهم، واعلموا أن كيدهم في سفال وأن شأنهم فتنة، وأن الله جل وعلا يبتلي بهم وبغيرهم عباده المؤمنين حتى يكون آخر هؤلاء الخوارج يخرج مع الدجال الذي يدّعي علم أنه رب العالمين في أفضح وأشنع كفرٍ يدعيه بشر، لكنه يسلبهم بشبهاته إذ لا علم لهم ولا دين، سفهاء الأحلام سفهاء العقول حدثاء الأسنان، لا علم لهم ولا دين، وإنما شأنهم التعالم والافتيات والتعدي على أهل العلم وعلى ولاة أمورهم ، نسأل الله جل وعلا أن يرد كيدهم وكيد أمثالهم إلى نحورهم..
واعلموا رحمني الله وإياكم أن هؤلاء نبتة فاسدة غرسها أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم وأعداء المسلمين في مجتمعاتهم كما فعل اليهودي عبدالله بن سبأ بن السوداء اليهودي اليماني الصنعاني في غرس بدعة الرفض والخوارج في أول الإسلام، هؤلاء صنيعة المخابرات الدولية حتى تبقى منطقتنا وبلادنا في قلق واضطراب ولكن للأسف بأيدي سفهاء ابناءنا ممن لُبّس عليهم ودُلّس، وممن مُيّز عليهم المنكر حتى عُدّ في قلوبهم حقاً ومُيّز عليهم الحقُ حتى عُدّ في قلوبهم منكرا ، وهذه هي ثمرة الجهل وثمرة الانفكاك عن العلم وعن جماعة المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين.
ثم اعلموا رحمني الله وإياكم أن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرِ الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة ، وعليكم عباد الله بالجماعة فإن يدَ الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار ولا يأكل الذئب إلا من الغنم القاصية ، اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، اللهم وارض عن الأربعة الخفاء الراشدين وعن العشرة وأصحاب الشجرة وعن المهاجرين والأنصار وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنّك ورحمتك يا أرحم الراحمين..
اللهم أنت الله لا اله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، نشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الحي القيوم اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين ، اللهم احفظ المسلمين من بين أيديهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعوذ بعظمتك أن نُغتال وأنت ولينا ، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين ، اللهم اهدِ ضال المسلمين أجمعين ، اللهم ردهم إليك رداً حميداً جميلاً ، اللهم من كان في سابق علمك أنه يهتدي من ضلال المسلمين اللهم عجل في هدايته ، ومن كان في سابق علمك أن يزيد غوايةً اللهم فأنت حسبنا ونعم الوكيل ، اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم أدر دائرة السوء على أعداءك أعداء الدين من الخارجين ومن الداخلين ومن المنافقين ومن أعداءك أجمعين ، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان كن لهم في فلسطين وفي بلاد الشام وكن لهم في العراق وفي كل مكان، اللهم عليك بعدوهم من الصهاينة المغتصبين ومن النصيرية والروافضة وممن ساعدهم وآزرهم ومن دوائر الاستخبارات المعادية لنا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أدر عليهم دائرة السوء اللهم اجعلها عليهم سنيناً كسنينِ يوسف، اللهم اجعل تدبيرهم تدميراً عليهم، اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرج المسلمين من بينهم سالمين غانمين يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم آمنا والمسلمين في أوطاننا اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم هيئ لهم بطانةً صالحةً تدلهم على الخير وتعينهم عليه يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا ، اللهم بلغنا أسباب مرضاتك وتوفنا وأنت راضً عنا ، لنا ولكم ولوالدينا ووالديكم ومشائخنا وأحبابنا من المؤمنين .
عباد الله : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمة يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.