فوائد صلاة الجماعة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسَلَّمَ تسلِيمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد :-
فاتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله سبحانه وتعالى عظّم شأن الصلاة في الجماعة في كتابه العزيز وعظّمه أيضاً رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: [وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ] فأمر في أول الآية بإقامتها ثم أمر بالمشاركة للمصلين في صلاتهم بقوله: [وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ]. وقد أوجب سبحانه وتعالى أداء الصلاة في الجماعة حتى في الحرب فكيف بالسلم، قال تعالى: [وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ] الآية. فلو كان أحد يسامح في ترك الصلاة مع الجماعة لكان المحاربون للعدو أولى بأن يسمح لهم.
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)) متفق عليه , وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: ( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ؟ ) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : ( فَأَجِبْ ) . والأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب الصلاة في الجماعة مع المسلمين في المساجد كثيرة .
أيها المسلم إن إقامة الصلاة في الجماعة لها فوائد كثيرة على الفرد والمجتمع جمعها شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله فمن ذلك:
أولاً: إظهار هذا الركن العظيم من أركان الإسلام بخلاف لو صلى في بيته فإنه لا يدرى عنه.
ثانياً: تنشيط المسلمين بعضهم بعضاً، فإنه كما هو مشاهد الآن إذا صلى الإنسان وحده يجد في نفسه الكسل، لكن إذا صلى مع الجماعة صار ذلك أعظم له نشاطاً.
ثالثاً: التآلف والتحاب، فإنه لا شكَّ أنك إذا رأيت أهل الحي يجتمعون في هذا المكان يحصل بينهم الألفة والمودة.
ومن الفوائد: ظهور مشاعر الأخوة بين الناس، لأنه إذا فقد واحد تجد أهل المسجد يقولون: أين فلان؟ ثم يسألون عن سبب غيابه، فمشاعر الأخوة تنبعث من هذه الجماعة.
ومن فوائدها: كمال الشريعة، حيث شرعت ما فيه إبقاء الوحدة الإيمانية، فإن أعظم ما يدعو إلى الوحدة هو اجتماع الناس على هذه العبادة، ولهذا جعل – سبحان الله العلي العظيم – الاجتماعات على الصلوات على ثلاثة أقسام: اجتماع يومي للصلوات الخمس ، واجتماع أسبوعي للجمعة ، واجتماع حولي للعيدين , وهذه لا شك أنها من الحكمة.
ومنها: إغاظة أهل النفاق والكفر، فإنهم إذا رأوا المسلمين على هذه الوحدة والاجتماع فإنه لا شك أنهم يغتاظون لذلك ويلحقهم الغيظ والحزن، قال الله عز وجل: [وَلاَ تَهِنُوا فِيْ ابتِغَاءِ القَوْمِ إِنْ تَكُوْنُوا تَألَمُوْنَ فَإِنَّهُمْ يَألَمُوْنَ كَمَا تَألَمُوْنَ] وهذا منه سبحانه وتعالى تسلية، لكن أنتم تفوقونهم [وَتَرْجُوْنَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُوْنَ]، هذا هو الفرق، وإلا فإن الأعداء يألمون، أيُّ عزٍّ يكون للمسلمين؟! أي يتألمون من ذلك نفسياً، ولهذا هم يحاربون عزة المسلمين .
ومن فوائد المحافظة على الجماعة: حصول الأجر و الثواب، لأن الإنسان (( إذا تطهر في بيته وخرج منه لا يخرجه إلا المسجد لم يخطُ خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة )), وكذلك صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، وكذلك بحصول الصلاة من الملائكة على من كان منتظراً لها.
ومن فوائد صلاة الجماعة: أن فيها عمارة المساجد الذي أمر الله أن ترفع ويذكر فيه اسمه، ولو لا الجماعة ما صار مساجد ولا صار اجتماع في المساجد.
ومن فوائدها: التمييز بين المنافقين والمؤمنين، فالمنافق لا يهتم بها، ففي صلاة الجماعة إذاً ابتلاء من الله عزَّ وحلَّ واختبار المكلفين حتى يتميز بين المؤمن والمنافق.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وفقهنا في دينك يا أرحم الراحمين ، أقول ما تسمعون ، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الصادق الأمين، صلى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيّها المسلمون، اتقوا الله في أبنائكم قرّةِ عيونكم، فإنهم أمانةٌ في أعناقكم. مروهم بالمحافظة على الصّلوات وحضور الجُمَع والجماعات، رغِّبوهم ورهّبوهم، وشجّعوهم بالحوافز والجوائز، نشِّئوهم على حبِّ الآخرة، وكونوا لهم قدوةً صالحة، [ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ]، واصطبر أي اصبر على المداومة بالفعل فهو أبلغ في الوعظ ، وتذكّر أيها الأب المبارك قول الله تعالى: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّة، يَموتُ يَوْمَ يَمُوتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللهُ عليه الجَنَّةَ))، ويقول عليه الصلاة والسلام : ((مُروا أبناءَكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين)) أخرجه أحمد.
واحذَروا ما يصدّهم عن ذكر الله وعن الصلاة من سائر الملهِيات والمغرِيات، وألحّوا على الله بالدعاء أن يُصلحَ أولادكم وأولادَ المسلمين أجمعين.
اللهمّ اجعلنا وذرياتنا وشبابنا وفتياتنا، من مقيمي الصلاة، اللهمّ وتقبل دعاءنا، اللهم مُنّ علينا بصلاح النية والذريّة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، وﻻ مبلغ علمنا، وﻻ تسلط علينا من ﻻ يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم أنصارا لدينك يا ذا الجلال والإكرام واجزهم خير الجزاء على خدمة للإسلام والمسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا بسوء اللهم فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات انك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله ربِّ العالمين.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ وليد الشعبان تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129